انتهت مسرحية اسمها «حرق القرآن»، وتبين في النهاية أنها مسرحية رديئة بإخراج أمريكي متكامل، بدءا بكاتب السيناريو وانتهاء بالمخرج. في نهاية كل هذا الضجيج، قال ذلك القس الأمريكي الأبله إنه لم يكن بالمرة ينوي حرق القرآن، وإن هدفه كان هو إثارة الانتباه نحوه وترويج خطاب يريده. هذا القس يدير كنيسة تشبه مستودعا كبيرا للسيارات، وكانت مشكلته الأساسية هي أن مقر الكنيسة أصبح مرتعا للحشرات والفئران والعناكب لأنه لا يوجد لديه أتباع، فجلس مليا وفكر وقدر ثم فكر وقدر، فقرر أن أفضل وسيلة لجلب الانتباه وملء برّاكته الكبيرة هي أن يهاجم الإسلام. وفجأة، تحول من قس مغمور لا يعرف كيف يستقطب عشرة أتباع إلى واحد من أشهر الوجوه على المستوى العالمي. هكذا، انتهت المسرحية بأن أصبح القس سعيدا لأنه صار بإمكانه اليوم أن يقف أمام المئات من الأتباع بعد أن كان مشرفا على المغادرة الطوعية من الكنيسة. ما قام به هذا القس، الذي يشبه الشياطين التي تظهر في كتيبات الرسوم المتحركة، يحيل على أمثلة كثيرة تدل على أن أقصر طريق إلى الشهرة والمجد الإعلامي هو إثارة ضجة حول الإسلام. ويبدو أن حكاية الهندي سلمان رشدي كانت البداية لكل شيء. فهذا الروائي الفاشل الذي صُدم عندما لم يهتم أحد بروايته الأولى، والتي كان اسمها «غريفوس»، قرر فجأة أن يكتسب الشهرة المطلقة عندما ألف رواية سماها «آيات شيطانية»، هاجم فيها الإسلام بشكل دنيء، فأصبح واحدا من أشهر الروائيين في العالم، وتلقى جوائز تصعب على الحصر، وأصبح في كل يوم يحاضر في بلد أو جامعة مختلفة، بما فيها إسرائيل. بعد حكاية ذلك الروائي الهندي الفاشل، قررت امرأة من بنغلاديش، اسمها تسليمة نصرين، أن تغادر بلدها بعد أن فشلت في كل شيء، فكتبت رواية سمّتها «لاجا»، ومعناها «العار»، وفعلت ما فعله قبلها سلمان شدي، فتحولت فجأة إلى امرأة شهيرة تتحدث عنها كل وسائل الإعلام، وغادرت بنغلاديش تحت حماية دولية ونزلت في فرنسا، وكأنها عبقرية زمانها، مع أنها امرأة فشلت في مهنتها الأصلية وهي الطب، فقررت أن تصبح كاتبة ففشلت أيضا، ثم قررت أن تهاجم الإسلام فنجحت، أو تم إنجاحها رغم أنف الجميع. أين هي اليوم تسليمة نصرين؟ ولماذا لم تنجح رواياتها اللاحقة؟ الجواب هو نفسه عن سلمان رشدي ولماذا لم يتحدث أحد عن رواياته اللاحقة. هناك أمثلة أخرى عن الفاشلين الذين يصبحون مركز العالم حين يقررون مهاجمة الإسلام. ففي الدنمارك، كان هناك رسام كاريكاتور فاشل جدا، إلى درجة أنه أشرف على الستين من العمر من دون أن يلقى ذلك النجاح الذي كان يحلم به، وكانت أغلب الصحف الدنماركية ترفض نشر رسوماته لأنها رديئة ولا علاقة لها بفن الكاريكاتير، لكن فجأة تحول هذا الشخص إلى الرقم واحد عالميا في نشرات الأخبار، وتداول العالم اسمه أكثر من أي رسام آخر في العالم، والسبب هو أنه رسم رسومات مسيئة إلى نبي الإسلام، فأصبح رمزا للحرية لدى الغرب، ونشرت أغلب صحف العالم رسوماته، رغم أنها رديئة جدا من الناحية الفنية. وهذه الصحف التي تعيد نشر رسوماته المسيئة إلى الإسلام، هي نفسها التي ترفض نشر باقي رسوماته لأنها رديئة فنيا. هناك أيضا المخرج السينمائي الهولندي ثيو فان جوخ، الذي وجد صعوبة كبيرة في إخراج فيلم حقيقي، فقرر فجأة أن يصنع فيلما حول الإسلام، فكانت النهاية مأساوية، نهاية الواقع وليس نهاية الفيلم. هناك أمثلة كثيرة جدا حول وصفة النجاح الجديدة في الأدب والسينما، بل وحتى في السياسة، لأن السياسيين الفاشلين في الغرب، الذين لا يستطيعون جمع أزيد من مائة من الأنصار، أصبحوا يعثرون فجأة على الآلاف من الأتباع عندما يقررون مهاجمة الإسلام أو المسلمين، والدليل على ذلك هو اليمين المتطرف في هولندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وغيرها. حتى أصحاب المراقص الذين يريدون ربحا سريعا وزبائن كثيرين ساروا على نفس النهج. ففي إسبانيا، التي تعرف فيها المراقص وعلب الدّيسكو أزمة مرتبطة بالأزمة الاقتصادية، قرر أصحاب مرقص جديد في مرسية، جنوب البلاد، أن يطلقوا عليه اسم «مكة»، حتى يحظى بشهرة أوسع وزبائن أكثر. لم يعد هناك اليوم سياسيون وفنانون وكتاب فاشلون لأن وصفة النجاح موجودة: هاجم الإسلام وستنجح فورا.
عبد الله الدامون
تم التصرف بالعنوان
2557
2
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها
1- العربي = الكثير من الغوغاء  + القليل من العقل
4asrir
بالفعل أخي الكريم كلامك صحيح ، و للإسف هذه الشهرة يساهم العربي في تحقيقها لهم بدون ان يعي ، فموضوع حرق القران إنتشر بطريقة سريعة و بدون فائدة ، و لا اعرف ما الغاية من نشره أصلاً ، فالقران تكفل الله بنصره و لن يضيره ان يحرق الورق ، المهم هو ما في الصدور ، و هي ليست بالشئ الجديد فحرق القران او تقطيعه سبق و وقع في تاريخنا العربي و من طرف حكام عرب ، و لم يضر ذلك الاسلام في شئ ،، لكن للأسف تجسدت صورة الانسان العربي للغرب على انه :
إنسان كثير الغوغاء  + قليل التفكير  + سهل التحكم فيه و التنبؤ بتصرفاته ،، و هذا صحيح 100/100 للأسف .
مسألة كره اليهود و الكفار للمسلمين بينها القران منذ قرون خلت و كل من يصدق الشعارات و العناوين و الاقوال المنمقة فهو مخطئ ، و عليه ان يتوقع اكثر من ذلك .
أنا متفق معك فيما يخص القس الأمريكي.لكن بالنسبة لسلمان رشدي فيبدو أنك لم تقرأ كتابه كفاية، وكذلك بالنسبة لتسليمة نسرين إضافة الى المخرج الهولندي وفيلمه.يأخي مشكلتكم أنتم أهل الإسلام هي كالتالي: (حلال علينا حرام عليهم )لماذا لاتندد بالأصوات النشاز التي تصيح من أعلى منابر مساجد المسلمين وفي صلاة الجمعة بالموت للكفار وتشبه أناس هم إخواننا في الإنسانية بأحفاد القردة والخنازير....اللهم يتم أطفالهم ورمل نساءهم .لماذا لاتسمحوا بالحفر والنبش في تاريخ الإسلام المليئ بأشياء يندى لها الجبين.لكن لاعليك، فهذه ثقافة العرب والمسلمين المتأصلة فيهم. دائما هم الأشرف،هم الأفضل،هم الأحسن أما بقية شعوب العالم فهي في الدرك الأسفل.مشكلة الإسلام أنه لايقبل الإختلاف. (اسلموا تسلموا )، (أومرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لاإله إلا الله محمد رسول الله )حديث شريف.هل توضحت لك الصورة أم لا؟
تنبيه هام (17 دجنبر 2011 ) : لن ينشر أي تعليق يخرج عن أدبيات النقاش وإحترام الاخر , المرجوا الاطلاع على قوانين كتابة التعليق والالتزام بهاحتى لا يحذف تعليقك